احمد يوسف الخضمي
احمد يوسف الخضمي
احمد يوسف الخضمي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

احمد يوسف الخضمي


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تابع الرحيق المختوم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
احمد يوسف الخضمي
Admin
احمد يوسف الخضمي


عدد المساهمات : 274
تاريخ التسجيل : 11/06/2010

تابع الرحيق المختوم Empty
مُساهمةموضوع: تابع الرحيق المختوم   تابع الرحيق المختوم Icon_minitimeالخميس يوليو 01, 2010 4:27 am

--------------------------------------------------------------------------------

2 ـ الكتاب إلى المقوقس ملك مصر :
وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جريج بن متي الملقب بالمقوقس ملك مصر والإسكندرية :
( بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم أهل القبط، { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } )
واختار لحمل هذا الكتاب حاطب بن أبي بلتعة . فلما دخل حاطب على المقوقس قال له : إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، فانتقم به ثم انتقم منه، فاعتبر بغيرك، ولا يعتبر غيرك بك .
فقال المقوقس : إن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه .
فقال حاطب : ندعوك إلى دين الإسلام الكافي به الله فقد ما سواه، إن هذا النبي دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش، وأعداهم له اليهود، وأقربهم منه النصاري، ولعمري ما بشارة موسي بعيسي إلا كبشارة عيسي بمحمد، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل، فكل نبي أدرك قوما فهم أمته، فالحق عليهم أن يطيعوه، وأنت ممن أدركه هذا النبي، ولسنا ننهاك عن دين المسيح، ولكنا نأمرك به .
فقال المقوقس : إني قد نظرت في أمر هذا النبي، فوجدته لا يأمر بمزهود فيه . ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والإخبار بالنجوي، وسأنظر .
وأخذ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، فجعله في حق من عاج، وختم عليه، ودفعه إلى جارية له، ثم دعا كاتبا له يكتب بالعربية، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( بسم الله الرحمن الرحيم . لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد :
فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين، لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت بغلة لتركبها، والسلام عليك ) .
ولم يزد على هذا ولم يسلم، والجاريتان مارية، وسيرين، والبغلة دلدل، بقيت إلى زمن معاوية ، واتخذ النبي صلى الله عليه وسلم مارية سرية له، وهي التي ولدت له إبراهيم . وأما سيرين فأعطاها لحسان بن ثابت الأنصاري .


(1/315)


--------------------------------------------------------------------------------

3 ـ الكتاب إلى كسرى ملك فارس :
وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس :
( بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدي، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك ) .
واختار لحمل هذا الكتاب عبد الله بن حذافة السهمي، فدفعه السهمي إلى عظيم البحرين، ولا ندري هل بعث به عظيم البحرين رجلا من رجالاته، أم بعث عبد الله السهمي، وأيا ما كان فلما قرئ الكتاب على كسرى مزقه، وقال في غطرسة : عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي، ولما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مزق الله ملكه ) ، وقد كان كما قال، فقد كتب كسرى إلى باذان عامله على اليمن : ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به . فاختار باذان رجلين ممن عنده، أحدهما : قهرمانه بانويه، وكان حاسبا كاتبا بكتاب فارس . وثانيهما : خرخسرو من الفرس ، وبعثهما بكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أن ينصرف معهما إلى كسري، فلما قدما المدينة، وقابلا النبي صلى الله عليه وسلم، قال أحدهما : إن شاهنشاه [ ملك الملوك ] كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره بأن يبعث إليك من يأتيه بك، وبعثني إليك لتنطلق معي، وقال قولا توعده فيه، فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم أن يلاقياه غدا .
وفي ذلك الوقت كانت قد قامت ثورة كبيرة ضد كسرى من داخل بيته بعد أن لاقت جنوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر، فقد قام شيرويه بن كسرى على أبيه فقتله، وأخذ الملك لنفسه، وكان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادي الأولي سنة سبع ، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الوحي، فلما غدوا عليه أخبرهما بذلك . فقالا : هل تدري ما تقول ؟ إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر، أفنكتب هذا عنك، ونخبره الملك . قال : ( نعم أخبراه ذلك عني، وقولا له : إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى ! وينتهي إلى منتهي الخف والحافر، وقولا له : إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك، وملكتك على قومك من الأبناء ) ، فخرجا من عنده حتى قدما على باذان فأخبراه الخبر، وبعد قليل جاء كتاب بقتل شيرويه لأبيه، وقال له شيرويه في كتابه : انظر الرجل الذي كان كتب فيه أبي إليك، فلا تهجه حتى يأتيك أمري .
وكان ذلك سببا في إسلام باذان ومن معه من أهل فارس باليمن .


(1/316)


--------------------------------------------------------------------------------

4 ـ الكتاب إلى قيصر ملك الروم :
روى البخاري ـ ضمن حديث طويل ـ نص الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملك الروم هرقل، وهو هذا :
( بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدي، أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } ) [ آل عمران : 64 ] .
واختار لحمل هذا الكتاب دحية بن خليفة الكلبي، وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصري، ليدفعه إلى قيصر، وقد روي البخاري عن ابن عباس أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، كانوا تجارا بالشام، في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء ، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا ترجمانه فقال : أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قال أبو سفيان : فقلت : أنا أقربهم نسبا، فقال : أدنوه مني، وقربوا أصحابه، فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه : إني سائل هذا عن هذا الرجل، فإن كذبني فكذبوه، فو الله لولا الحياء من أن يأثروا على كذبا لكذبت عليه .
ثم قال : أول ما سألني عنه أن قال : كيف نسبه فيكم ؟ فقلت : هو فينا ذو نسب، قال : فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله ؟ قلت : لا . قال : فهل كان من آبائه من ملك ؟ قلت : لا . قال : فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ قلت : بل ضعفاؤهم . قال : أيزيدون أم ينقصون ؟ قلت : بل يزيدون . قال : فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه : قلت : لا . قال : فهل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : لا . قال : فهل يغدر ؟ قلت : لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها ـ قال : ولم تمكنني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة ـ قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت : نعم . قال : فكيف كان قتالكم إياه ؟ قلت : الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه . قال : ماذا يأمركم ؟ قلت : يقول : ( اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم ) ، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة .
فقال للترجمان : قل له : سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث في نسب من قومها . وسألتك : هل قال أحد منكم هذا القول قبله ؟ فذكرت أن لا . قلت : لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت : رجل يأتسي بقول قيل قبله . وسألتك : هل كان من آبائه من ملك ؟ فذكرت أن لا . فقلت : فلو كان من آبائه من ملك قلت : رجل يطلب ملك أبيه . وسألتك : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس، ويكذب على الله . وسألتك : أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ؟ فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل . وسألتك : أيزيدون أم ينقصون ؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم . وسألتك : أيرتد أحد سخطه لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب . وسألتك : هل يغدر ؟ فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر . وسألتك : بماذا يأمر ؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئا وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أكن أظنه أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه .
ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ، فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط، وأمر بنا فأخرجنا، قال : فقلت لأصحابي حين أخرجنا : لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، إنه ليخافه ملك بني الأصفر ، فما زلت موقنا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر حتى أدخل الله على الإسلام .
هذا ما رآه أبو سفيان من أثر هذا الكتاب على قيصر، وقد كان من أثره عليه أنه أجاز دحية بن خليفة الكلبي، حامل كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم بمال وكسوة، ولما كان دحية بحسمي في الطريق لقيه ناس من جذام، فقطعوها عليه، فلم يتركوا معه شيئا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل بيته، فأخبره، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة إلى حسمي، وهي وراء وادي القري، في خمسمائة رجل، فشن زيد الغارة على جذام، فقتل فيهم قتلا ذريعا، واستاق نعمهم ونساءهم، فأخذ من النعم ألف بعير، ومن الشاء خمسة آلاف، والسبي مائة من النساء والصبيان .

(1/317)


--------------------------------------------------------------------------------

وكان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قبيلة جذام موادعة، فأسرع زيد بن رفاعة الجذامي أحد زعماء هذه القبيلة بتقديم الاحتجاج إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد أسلم هو ورجال من قومه، ونصروا دحية حين قطع عليه الطريق فقبل النبي صلى الله عليه وسلم احتجاجه، وأمر برد الغنائم والسبي .
وعامة أهل المغازي يذكرون هذه السرية قبل الحديبية، وهو خطأ واضح، فإن بعث الكتاب إلى قيصر كان بعد الحديبية ؛ ولذا قال ابن القيم : هذا بعد الحديبية بلا شك .


(1/318)


--------------------------------------------------------------------------------

5 ـ الكتاب إلى المنذر بن ساوي :
وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوي حاكم البحرين كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام، وبعث إليه العلاء بن الحضرمي بذلك الكتاب، فكتب المنذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ أما بعد، يا رسول الله، فإني قرأت كتابك على أهل البحرين، فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه، ودخل فيه، ومنهم من كرهه، وبأرضي مجوس ويهود، فأحدث إلى في ذلك أمرك ] .
فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوي، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد، فإني أذكرك الله عز وجل، فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه، وإنه من يطيع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني، ومن نصح لهم فقد نصح لي، وإن رسلي قد أثنوا عليك خيرا، وإني قد شفعتك في قومك، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه، وعفوت عن أهل الذنوب، فاقبل منهم، وإنك مهما تصلح فلم نعزلك عن عملك . ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية ) .


(1/319)


--------------------------------------------------------------------------------

6 ـ الكتاب إلى هوذة بن على صاحب اليمامة :
وكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن على صاحب اليمامة :
( بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي، سلام على من اتبع الهدى، واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهي الخف والحافر، فأسلم تسلم، وأجعل لك ما تحت يديك ) .
واختار لحمل هذا الكتاب سليط بن عمرو العامري، فلما قدم سليط على هوذة بهذا الكتاب مختوما أنزله وحياه، وقرأ عليه الكتاب، فرد عليه ردا دون رد، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم : [ ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله، والعرب تهاب مكاني، فاجعل لي بعض الأمر أتبعك ) ، وأجاز سليطا بجائزة، وكساه أثوابا من نسج هجر .
فقدم بذلك كله على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم كتابه فقال : ( لو سألني قطعة من الأرض ما فعلت، باد، وباد ما في يديه ) . فلما انصرف رسول الله من الفتح جاءه جبريل عليه السلام بأن هوذة مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبي، يقتل بعدي ) ، فقال قائل : يا رسول الله، من يقتله ؟ فقال : ( أنت وأصحابك ) ، فكان كذلك ؟ .


(1/320)


--------------------------------------------------------------------------------

7 ـ الكتاب إلى الحارث بن أبي شمر الغساني صاحب دمشق :
كتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم :
( بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى الحارث بن أبي شمر، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله وصدق، وإني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له، يبقي لك ملكك ) .
واختار لحمل هذا الكتاب شجاع بن وهب من بني أسد بن خزيمة، ولما أبلغه الكتاب رمي به وقال : [ من ينزع ملكي مني ؟ أنا سائر إليه ] ، ولم يسلم . واستأذن قيصر في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فثناه عن عزمه، فأجاز الحارث شجاع بن وهب بالكسوة والنفقة، ورده بالحسني .


(1/321)


--------------------------------------------------------------------------------

8 ـ الكتاب إلى ملك عمان :
وكتب النبي صلى الله عليه وسلم كتابا إلى ملك عمان جيفر وأخيه عبد ابني الجلندي، ونصه :
( بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد رسول الله إلى جيفر وعبد ابني الجلندي، سلام على من اتبع الهدي، أما بعد :
فإني أدعوكما بدعاية الإسلام، أسلما تسلما، فإني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة، لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين، فإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما، وإن أبيتما [ أن تقرا بالإسلام ] فإن ملككما زائل، وخيلي تحل بساحتكما، وتظهر نبوتي على ملككما ) .
واختار لحمل هذا الكتاب عمرو بن العاص رضي الله عنه قال عمرو : فخرجت حتى انتهيت إلى عمان، فلما قدمتها عمدت إلى عبد ـ وكان أحلم الرجلين، وأسهلهما خلقا ـ فقلت : إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك وإلى أخيك، فقال : أخي المقدم على بالسن والملك، وأنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك، ثم قال : وما تدعو إليه ؟ قلت : أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وتخلع ما عبد من دونه، وتشهد أن محمدا عبده ورسوله . قال : يا عمرو، إنك ابن سيد قومك فكيف صنع أبوك ؟ فإن لنا فيه قدوة . قلت : مات ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، ووددت أنه كان أسلم وصدق به، وقد كنت أنا على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام . قال : فمتى تبعته ؟ قلت : قريبا . فسألني أين كان إسلامك ؟ قلت : عند النجاشي، وأخبرته أن النجاشي قد أسلم . قال : وكيف صنع قومه بملكه ؟ فقلت : أقروه واتبعوه . قال : والأساقفة والرهبان تبعوه ؟ قلت : نعم . قال : انظر يا عمرو ما تقول، إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له من الكذب . قلت : ما كذبت، وما نستحله في ديننا، ثم قال : ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي . قلت : بلي، قال : فبأي شيء علمت ذلك ؟ قلت : كان النجاشي يخرج له خرجا، فلما أسلم وصدق بمحمد صلى الله عليه وسلم، قال : لا والله لو سألني درهما واحدا ما أعطيته، فبلغ هرقل قوله، فقال له اليناق أخوه : أتدع عبدك لا يخرج لك خرجا، ويدين بدين غيرك دينا محدثا ؟ قال هرقل : رجل رغب في دين، فاختاره لنفسه، ما أصنع به ؟ والله لولا الضن بملكي لصنعت كما صنع . قال : انظر ما تقول يا عمرو ؟ قلت : والله صدقتك .
قال عبد : فأخبرني ما الذي يأمر به وينهي عنه ؟ قلت : يأمر بطاعة الله عز وجل وينهي عن معصيته، ويأمر بالبر وصلة الرحم، وينهي عن الظلم والعدوان، وعن الزنا، وعن الخمر، وعن عبادة الحجر والوثن والصليب . قال : ما أحسن هذا الذي يدعو إليه، لو كان أخي يتابعني عليه لركبنا حتى نؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ونصدق به، ولكن أخي أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنبا . قلت : إنه إن أسلم ملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه، فأخذ الصدقة من غنيهم فيردها على فقيرهم . قال : إن هذا لخلق حسن . وما الصدقة ؟ فأخبرته بما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقات في الأموال، حتى انتهيت إلى الإبل . قال : يا عمرو، وتؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعي الشجر وترد المياه ؟ فقلت : نعم، فقال : والله ما أري قومي في بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون لهذا .
قال : فمكثت ببابه أياما، وهو يصل إلى أخيه فيخبره كل خبري، ثم إنه دعاني يوما فدخلت عليه، فأخذ أعوانه بضبعي فقال : دعوه، فأرسلت فذهبت لأجلس، فأبوا أن يدعوني أجلس، فنظرت إليه فقال : تكلم بحاجتك، فدفعت إليه الكتاب مختوما، ففض خاتمه، وقرأ حتى انتهي إلى آخره، ثم دفعه إلى أخيه فقرأه مثل قراءته، إلا أني رأيت أخاه أرق منه، قال : ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت ؟ فقلت : تبعوه، إما راغب في الدين، وإما مقهور بالسيف . قال : ومن معه ؟ قلت : الناس قد رغبوا في الإسلام واختاروه على غيره، وعرفوا بعقولهم مع هدي الله إياهم أنهم كانوا في ضلال، فما أعلم أحدا بقي غيرك في هذه الحرجة، وأنت إن لم تسلم اليوم وتبعته توطئك الخيل وتبيد خضراءك، فأسلم تسلم، ويستعملك على قومك، ولا تدخل عليك الخيل والرجال، قال : دعني يومي هذا، وارجع إلى غدا .
فرجعت إلى أخيه فقال : يا عمرو، إني لأرجو أن يسلم إن لم يضن بملكه، حتى إذا كان الغد أتيت إليه، فأبي أن يأذن لي . فانصرفت إلى أخيه، فأخبرته أني لم أصل إليه، فأوصلني إليه، فقال : إني فكرت فيما دعوتني إليه، فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلا ما في يدي، وهو لاتبلغ خيله هاهنا، وإن بلغت خيله لقيت قتالا ليس كقتال من لاقي . قلت : أنا خارج غدا، فلما أيقن بمخرجي خلا به أخوه فقال : ما نحن فيما ظهر عليه، وكل من أرسل إليه قد أجابه، فأصبح فأرسل إلى، فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعا، وصدقا النبي صلى الله عليه وسلم، وخليا بيني وبين الصدقة، وبين الحكم فيما بينهم، وكانا لي عونا على من خالفني .
وسياق هذه القصة تدل على أن إرسال الكتاب إليهما تأخر كثيرا عن كتب بقية الملوك، والأغلب أنه كان بعد الفتح .

(1/322)


--------------------------------------------------------------------------------

وبهذه الكتب كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أبلغ دعوته إلى أكثر ملوك الأرض، فمنهم من آمن به ومنهم من كفر، ولكن شغل فكره هؤلاء الكافرين، وعرف لديهم باسمه ودينه .


(1/323)


--------------------------------------------------------------------------------

النشاط العسكري بعد صلح الحديبية

غزوة الغابة أو غزوة ذي قرد
هذه الغزوة حركة مطاردة ضد فصيلة من بني فزارة قامت بعمل القرصنة في لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهي أول غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية، وقبل خيبر . ذكر البخاري في ترجمة باب أنها كانت قبل خيبر بثلاث، وروي ذلك مسلم مسندا من حديث سلمة ابن الأكوع . وذكر الجمهور من أهل المغازي أنها كانت قبل الحديبية، وما في الصحيح أصح مما ذكره أهل المغازي .
وخلاصة الروايات عن سلمة بن الأكوع بطل هذه الغزوة أنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره مع غلامه رباح، وأنا معه بفرس أبي طلحة، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على الظهر، فاستاقه أجمع، وقتل راعيه، فقلت : يا رباح، خذ هذا الفرس فأبلغه أبا طلحة، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قمت على أكمة، واستتقبلت المدينة، فناديت ثلاثا : يا صباحاه، ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل وأرتجز، أقول :
[ خذها ] أنا ابن الأكوع ** واليوم يوم الرضع
فو الله ما زلت أرميهم وأعقر بهم، فإذا رجع إلى فارس جلست في أصل الشجر، ثم رميته فتعفرت به، حتى إذا دخلوا في تضايق الجبل علوته، فجعلت أرديهم بالحجارة، فما زلت كذلك أتبعهم حتى ما خلق الله تعالى من بعير من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري، وخلوا بيني وبينه، ثم اتبعتهم أرميهم، حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة، وثلاثين رمحا يستخفون، ولا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة، يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه . حتى أتوا متضايقا من ثنية، فجلسوا يتغدون، وجلست على رأس قرن، فصعد إلى منهم أربعة في الجبل، قلت : هل تعرفونني ؟ أنا سلمة بن الأكوع، لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته، ولا يطلبني فيدركني، فرجعوا . فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر، فإذا أولهم أخرم، وعلى أثره أبو قتادة، وعلى أثره المقداد بن الأسود، فالتقي عبد الرحمن وأخرم، فعقر بعبد الرحمن فرسه، وطعنه عبد الرحمن فقتله، وتحول على فرسه، ولحق أبو قتادة بعبد الرحمن فطعنه فقتله، وولي القوم مدبرين، فتبعتهم أعدو على رجلي، حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء يقال له : ذو قرد، ليشربوا منه، وهم عطاش، فأجليتهم عنه، فما ذاقوا قطرة منه، ولحقني رسول الله صلى الله عليه وسلم والخيل عشاء، فقلت : يا رسول الله، إن القوم عطاش، فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت ما عندهم من السرح، وأخذت بأعناق القوم، فقال : ( يا بن الأكوع . ملكت فأسجح ) ، ثم قال : ( إنهم ليقرون الآن في غطفان ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة ) . وأعطاني سهمين، سهم الراجل وسهم الفارس، وأردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة .
استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة في هذه الغزوة ابن أم مكتوم، وعقد اللواء للمقداد بن عمرو .


(1/324)


--------------------------------------------------------------------------------

غزوة خيبر ووادي القري ( في المحرم سنة 7 هـ )
كانت خيبر مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على بعد ثمانين ميلا من المدينة في جهة الشمال، وهي الآن قرية في مناخها بعض الوخامة .


(1/325)


--------------------------------------------------------------------------------

سبب الغزوة
ولما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقوي أجنحة الأحزاب الثلاثة، وهو قريش، وأمن منه تماما بعد صلح الحديبية أراد أن يحاسب الجناحين الباقيين ـ اليهود وقبائل نجد ـ حتى يتم الأمن والسلام، ويسود الهدوء في المنطقة، ويفرغ المسلمون من الصراع الدامي المتواصل إلى تبليغ رسالة الله والدعوة إليه .
ولما كانت خيبر هي وكرة الدس والتآمر ومركز الاستفزازات العسكرية، ومعدن التحرشات وإثارة الحروب، كانت هي الجديرة بالتفات المسلمين أولا .
أما كون خيبر بهذه الصفة، فلا ننسي أن أهل خيبر هم الذين حزبوا الأحزاب ضد المسلمين، وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة، ثم أخذوا في الاتصالات بالمنافقين ـ الطابور الخامس في المجتمع الإسلامي ـ وبغطفان وأعراب البادية ـ الجناح الثالث من الأحزاب ـ وكانوا هم أنفسهم يتهيأون للقتال، فألقوا المسلمين بإجراءاتهم هذه في محن متوصلة، حتى وضعوا خطة لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، وإزاء ذلك اضطر المسلمون إلى بعوث متواصلة، وإلى الفتك برأس هؤلاء المتآمرين، مثل سلام بن أبي الحقيق، وأسير بن زارم، ولكن الواجب على المسلمين إزاء هؤلاء اليهود كان أكبر من ذلك، وإنما أبطأوا في القيام بهذا الواجب ؛ لأن قوة أكبر وأقوي وألد وأعند منهم ـ وهي قريش ـ كانت مجابهة للمسلمين، فلما انتهت هذه المجابهة صفا الجو لمحاسبة هؤلاء المجرمين، واقترب لهم يوم الحساب .


(1/326)


--------------------------------------------------------------------------------

الخروج إلى خيبر
قال ابن إسحاق : أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر .
قال المفسرون : إن خيبر كانت وعدا وعدها الله تعالى بقوله : { وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه } [ الفتح : 20 ] يعني صلح الحديبية، وبالمغانم الكثيرة خيبر .


(1/327)


--------------------------------------------------------------------------------

عدد الجيش الإسلامي
ولما كان المنافقون وضعفاء الإيمان تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم فيهم قائلا : { سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا } [ الفتح : 15 ] .
فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى خيبر أعلن ألا يخرج معه إلا راغب في الجهاد، فلم يخرج إلا أصحاب الشجرة وهم ألف وأربعمائة .
واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري، وقال ابن إسحاق : نميلة بن عبد الله الليثي، والأول أصح عند المحققين .
وبعد خروجه صلى الله عليه وسلم قدم أبو هريرة المدينة مسلما، فوافي سباع بن عرفطة في صلاة الصبح، فلما فرغ من صلاته أتي سباعا فزوده، حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلم المسلمين فأشركوه وأصحابه في سهمانهم .


(1/328)


--------------------------------------------------------------------------------

اتصال المنافقين باليهود
وقد قام المنافقون يعملون لليهود، فقد أرسل رأس المنافقين عبد الله بن أبي إلى يهود خيبر : إن محمدا قصد قصدكم، وتوجه إليكم، فخذوا حذركم، ولا تخافوا منه فإن عددكم وعدتكم كثيرة، وقوم محمد شرذمة قليلون، عزل، لا سلاح معهم إلا قليل، فلما علم ذلك أهل خيبر، أرسلوا كنانة بن أبي الحقيق وهوذة بن قيس إلى غطفان يستمدونهم ؛ لأنهم كانوا حلفاء يهود خيبر، ومظاهرين لهم على المسلمين، وشرطوا لهم نصف ثمار خيبر إن هم غلبوا المسلمين .


(1/329)


--------------------------------------------------------------------------------

الطريق إلى خيبر
وسلك رسول صلى الله عليه وسلم في اتجاهه نحو خيبر جبل عصر ـ بالكسر، وقيل : بالتحريك ـ ثم على الصهباء، ثم نزل على واد يقال له : الرجيع، وكان بينه وبين غطفان مسيرة يوم وليلة، فتهيأت غطفان وتوجهوا إلى خيبر، لإمداد اليهود، فلما كانوا ببعض الطريق سمعوا من خلفهم حسا ولغطا، فظنوا أن المسلمين أغاروا على أهاليهم وأموالهم فرجعوا، وخلوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين خيبر .
ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الدليلين اللذين كانا يسلكان بالجيش ـ وكان اسم أحدهما : حسيل ـ ليدلاه على الطريق الأحسن، حتى يدخل خيبر من جهة الشمال ـ أي جهة الشام ـ فيحول بين اليهود وبين طريق فرارهم إلى الشام، كما يحول بينهم وبين غطفان .
قال أحدهما : أنا أدلك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل حتى انتهي إلى مفرق الطرق المتعددة وقال : يا رسول الله، هذه طرق يمكن الوصول من كل منها إلى المقصد، فأمر أن يسمها له واحدا واحدا . قال : اسم واحد منها حزن، فأبي النبي صلى الله عليه وسلم من سلوكه، قال : اسم الآخر شاش، فامتنع منه أيضا، وقال : اسم الآخر حاطب، فامتنع منه أيضا، قال حسيل : فما بقي إلا واحد . قال عمر : ما اسمه ؟ قال : مرحب، فاختار النبي صلى الله عليه وسلم سلوكه .


(1/330)


--------------------------------------------------------------------------------

بعض ما وقع في الطريق
1 ـ عن سلمة بن الأكوع قال : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر : يا عامر، ألا تسمعنا من هنيهاتك ؟ ـ وكان عامر رجلا شاعرا ـ فنزل يحدو بالقوم، يقول :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ** ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اقتفينا ** وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقين سكينة علينا ** إنا إذا صيح بنا أبينا
وبالصياح عولوا علينا **
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من هذا السائق ) قالوا : عامر بن الأكوع، قال : ( يرحمه الله ) : قال رجل من القوم : وجبت يا نبي الله، لولا أمتعتنا به .
وكانوا يعرفون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستغفر لإنسان يخصه إلا استشهد ، وقد وقع ذلك في حرب خيبر .
2 ـ وبالصهباء من أدني خيبر صلي النبي صلى الله عليه وسلم العصر، ثم دعا بالأزواد، فلم يؤت إلا بالسويق، فأمر به فثري، فأكل وأكل الناس، ثم قام إلى المغرب، فمضمض، ومضمض الناس، ثم صلي ولم يتوضأ ، ثم صلي العشاء .
3 ـ ولما دنا من خيبر وأشرف عليها قال : ( قفوا ) ، فوقف الجيش، فقال : ( اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما أذرين، فإنا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شر هذه القرية، وشر أهلها، وشر ما فيها، أقدموا، بسم الله ) .


(1/331)


--------------------------------------------------------------------------------

الجيش الإسلامي إلى أسوار خيبر
وبات المسلمون الليلة الأخيرة التي بدأ في صباحها القتال قريبا من خيبر، ولا تشعر بهم اليهود، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي قوما بليل لم يقربهم حتى يصبح، فلما أصبح صلي الفجر بغلس، وركب المسلمون، فخرج أهل خيبر بمساحيهم ومكاتلهم، ولا يشعرون، بل خرجوا لأرضهم، فلما رأوا الجيش قالوا : محمد، والله محمد والخميس ، ثم رجعوا هاربين إلى مدينتهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الله أكبر، خربت خيبر، الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ) .


(1/332)


--------------------------------------------------------------------------------

حصون خيبر
وكانت خيبر منقسمة إلى شطرين، شطر فيها خمسة حصون :
1 ـ حصن ناعم . 2 ـ حصن الصعب بن معاذ .
3 ـ حصن قلعة الزبير . 4 ـ حصن أبي .
5 ـ حصن النزار .
والحصون الثلاثة الأولي منها كانت تقع في منطقة يقال لها : ( النطاة ) وأما الحصنان الآخران فيقعان في منطقة تسمي بالشق .
أما الشطر الثاني، ويعرف بالكتيبة، ففيه ثلاثة حصون فقط :
1 ـ حصن القموص [ وكان حصن بني أبي الحقيق من بني النضير ] .
2 ـ حصن الوطيح .
3 ـ حصن السلالم .
وفي خيبر حصون وقلاع غير هذه الثمانية، إلا أنها كانت صغيرة، لا تبلغ إلى درجة هذه القلاع في مناعتها وقوتها .
والقتال المرير إنما دار في الشطر الأول منها، أما الشطر الثاني فحصونها الثلاثة مع كثرة المحاربين فيها سلمت دونما قتال .


(1/333)


--------------------------------------------------------------------------------

معسكر الجيش الإسلامي
وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اختار لمعسكره منزلا، فأتاه حباب بن المنذر، فقال : يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل أنزلكه الله، أم هو الرأي في الحرب ؟ قال : ( بل هو الرأي ) فقال : يا رسول الله، إن هذا المنزل قريب جدا من حصن نطاة، وجميع مقاتلي خيبر فيها، وهم يدرون أحوالنا، ونحن لا ندري أحوالهم، وسهامهم تصل إلينا، وسهامنا لا تصل إليهم، ولا نأمن من بياتهم، وأيضا هذا بين النخلات، ومكان غائر، وأرض وخيمة، لو أمرت بمكان خال عن هذه المفاسد نتخذه معسكرا، قال صلى الله عليه وسلم : ( الرأي ما أشرت ) ، ثم تحول إلى مكان آخر .


(1/334)


--------------------------------------------------------------------------------

التهيؤ للقتال وبشارة الفتح
ولما كانت ليلة الدخول ـ وقيل : بل بعد عدة محاولات ومحاربات ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، [ يفتح الله على يديه ] ) فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يرجو أن يعطاها، فقال : ( أين علي بن أبي طالب ؟ ) فقالوا : يا رسول الله، هو يشتكي عينيه، قال : ( فأرسلوا إليه ) ، فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، ودعا له، فبرئ، كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال : يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، قال : ( انفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله، لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم ) .


(1/335)


--------------------------------------------------------------------------------

بدء المعركة وفتح حصن ناعم
أما اليهود فإنهم لما رأوا الجيش وفروا إلى مدينتهم تحصنوا في حصونهم، وكان من الطبيعي أن يستعدوا للقتال .
وأول حصن هاجمه المسلمون من حصونهم الثمانية هو حصن ناعم .
وكان خط الدفاع الأول لليهود لمكانه الاستراتيجي، وكان هذا الحصن هو حصن مرحب البطل اليهودي الذي كان يعد بالألف .
خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالمسلمين إلى هذا الحصن، ودعا اليهود إلى الإسلام، فرفضوا هذه الدعوة، وبرزوا إلى المسلمين ومعهم ملكهم مرحب، فلما خرج إلى ميدان القتال دعا إلى المبارزة، قال سلمة بن الأكوع : فلما أتينا خيبر خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه يقول :
قد علمت خيبر أني مرحب ** شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب **
فبرز له عمي عامر فقال :
قد علمت خيبر أني عامر ** شاكي السلاح بطل مغامر
فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عمي عامر، وذهب عامر يسفل له، وكان سيفه قصيرا، فتناول به ساق اليهودي ليضربه، فيرجع ذباب سيفه فأصاب عين ركبته فمات منه، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن له لأجرين ـ وجمع بين إصبعيه ـ إنه لجاهد مجاهد، قل عربي مشي بها مثله ) .
ويبدو أن مرحبا دعا بعد ذلك إلى البراز مرة أخري وجعل يرتجز بقوله :
قد علمت خيبر أني مرحب . . . إلخ، فبرز له على بن أبي طالب . قال سلمة ابن الأكوع : فقال علي :
أنا الذي سمتني أمي حيدره ** كليث غابات كريه المنظره
أوفيهم بالصاع كيل السندره **
فضرب رأس مرحب فقتله، ثم كان الفتح على يديه .
ولما دنا علي رضي الله عنه من حصونهم اطلع يهودي من رأس الحصن، وقال : من أنت ؟ فقال : أنا علي بن أبي طالب، فقال اليهودي : علوتم وما أنزل على موسى .
ثم خرج ياسر أخو مرحب، وهو يقول : من يبارز ؟ فبرز إليه الزبير، فقالت صفية أمه : يا رسول الله، يقتل ابني، قال : ( بل ابنك يقتله ) ، فقتله الزبير .
ودار القتال المرير حول حصن ناعم، قتل فيه عدة سراة من اليهود، انهارت لأجله مقاومة اليهود، وعجزوا عن صد هجوم المسلمين، ويؤخذ من المصادر أن هذا القتال دام أياما لاقي المسلمون فيها مقاومة شديدة، إلا أن اليهود يئسوا من مقاومة المسلمين، فتسللوا من هذا الحصن إلى حصن الصعب، واقتحم المسلمون حصن ناعم .


(1/336)


--------------------------------------------------------------------------------

فتح حصن الصعب بن معاذ
وكان حصن الصعب الحصن الثاني من حيث القوة والمناعة بعد حصن ناعم، قام المسلمون بالهجوم عليه تحت قيادة الحباب بن المنذر الأنصاري، ففرضوا عليه الحصار ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لفتح هذا الحصن دعوة خاصة .
روي ابن إسحاق أن بني سهم من أسلم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا : لقد جهدنا، وما بأيدينا من شيء، فقال : ( اللهم إنك قد عرفت حالهم، وأن ليست بهم قوة، وأن ليس بيدي شيء أعطيهم إياه، فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء، وأكثرها طعاما وودكا ) . فغدا الناس ففتح الله عز وجل حصن الصعب بن معاذ، وما بخيبر حصن كان أكثر طعاما وودكا منه .
ولما ندب النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بعد دعائه لمهاجمة هذا الحصن كان بنو أسلم هم المقاديم في المهاجمة، ودار البراز والقتال أمام الحصن، ثم فتح الحصن في ذلك اليوم قبل أن تغرب الشمس، ووجد فيه المسلمون بعض المنجنيقات والدبابات .
ولأجل هذه المجاعة الشديدة التي ورد ذكرها في رواية ابن إسحاق، كان رجال من الجيش قد ذبحوا الحمير، ونصبوا القدور على النيران، فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك نهي عن لحوم الحمر الإنسية .


(1/337)


--------------------------------------------------------------------------------

فتح قلعة الزبير
وبعد فتح حصن ناعم والصعب تحول اليهود من كل حصون النطاة إلى قلعة الزبير، وهو حصن منيع في رأس قلة ، لا تقدر عليه الخيل والرجال لصعوبته وامتناعه، ففرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحصار، وأقام محاصرا ثلاثة أيام، فجاء رجل من اليهود، وقال : يا أبا القاسم، إنك لو أقمت شهرا ما بالوا، إن لهم شرابا وعيونا تحت الأرض، يخرجون بالليل ويشربون منها، ثم يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك، فإن قطعت مشربهم عليهم أصحروا لك . فقطع ماءهم عليهم، فخرجوا فقاتلوا أشد القتال، قتل فيه نفر من المسلمين، وأصيب نحو العشرة من اليهود، وافتتحه رسول الله صلى الله عليه وسلم .


(1/338)


--------------------------------------------------------------------------------

فتح قلعة أبي
وبعد فتح قلعة الزبير انتقل اليهود إلى قلعة أبي وتحصنوا فيه، وفرض المسلمون عليهم الحصار، وقام بطلان من اليهود واحد بعد الآخر بطلب المبارزة، وقد قتلهما أبطال المسلمين، وكان الذي قتل المبارز الثاني هو البطل المشهور أبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري صاحب العصابة الحمراء . وقد أسرع أبو دجانة بعد قتله إلى اقتحام القلعة، واقتحم معه الجيش الإسلامي، وجري قتال مرير ساعة داخل الحصن، ثم تسلل اليهود من القلعة، وتحولوا إلى حصن النزار آخر حصن في الشطر الأول .


(1/339)


--------------------------------------------------------------------------------

فتح حصن النزار
كان هذا الحصن أمنع حصون هذا الشطر، وكان اليهود على شبه اليقين بأن المسلمين لا يستطيعون اقتحام هذه القلعة، وإن بذلوا قصاري جهدهم في هذا السبيل، ولذلك أقاموا في هذه القلعة مع الذراري والنساء، بينما كانوا قد أخلوا منها القلاع الأربعة السابقة .
وفرض المسلمون على هذا الحصن أشد الحصار، وصاروا يضغطون عليهم بعنف، ولكون الحصن يقع على جبل مرتفع منيع لم يكونوا يجدون سبيلا للاقتحام فيه . أما اليهود فلم يجترئوا للخروج من الحصن، وللاشتباك مع قوات المسلمين، ولكنهم قاوموا المسلمين مقاومة عنيدة برشق النبال، وبإلقاء الحجارة .
وعندما استعصى حصن النزار على قوات المسلمين، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بنصب آلات المنجنيق، ويبدو أن المسلمين قذفوا به القذائف، فأوقعوا الخلل في جدران الحصن، واقتحموه، ودار قتال مرير في داخل الحصن انهزم أمامه اليهود هزيمة منكرة، وذلك لأنهم لم يتمكنوا من التسلل من هذا الحصن كما تسللوا من الحصون الأخري، بل فروا من هذا الحصن تاركين للمسلمين نساءهم وذراريهم .
وبعد فتح هذا الحصن المنيع تم فتح الشطر الأول من خيبر، وهي ناحية النطاة والشق، وكانت في هذه الناحية حصون صغيرة أخري إلا أن اليهود بمجرد فتح هذا الحصن المنيع أخلوا هذه الحصون، وهربوا إلى الشطر الثاني من بلدة خيبر .


(1/340)


--------------------------------------------------------------------------------

فتح الشطر الثاني من خيبر
ولما أتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح ناحية النطاة والشق، تحول إلى أهل الكتيبة التي بها حصن القموص : حصن بني أبي الحقيق من بني النضير، وحصن الوطيح والسلالم، وجاءهم كل فل كان انهزم من النطاة والشق، وتحصن هؤلاء أشد التحصن .
واختلف أهل المغازي هل جري هناك قتال في أي حصن من حصونها الثلاثة أم لا ؟ فسياق ابن إسحاق صريح في جريان القتال لفتح حصن القموص، بل يؤخذ من سياقه أن هذا الحصن تم فتحه بالقتال فقط من غير أن يجري هناك مفاوضة للاستسلام .
أما الواقدي، فيصرح تمام التصريح أن قلاع هذا الشطر الثلاث إنما أخذت بعد المفاوضة، ويمكن أن تكون المفاوضة قد جرت لاستلام حصن القموص بعد إدارة القتال، وأما الحصنان الآخران فقد سلما إلى المسلمين دونما قتال .
ومهما كان، فلما أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه الناحية ـ الكتيبة ـ فرض على أهلها أشد الحصار، ودام الحصار أربعة عشر يوما، واليهود لا يخرجون من حصونهم، حتى هم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينصب عليهم المنجنيق، فلما أيقنوا بالهلكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح .


(1/341)


--------------------------------------------------------------------------------

المفاوضة
وأرسل ابن أبي الحقيق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنزل فأكلمك ؟ قال : ( نعم ) ، فنزل، وصالح على حقن دماء من في حصونهم من المقاتلة، وترك الذرية لهم، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم، ويخلون بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ما كان لهم من مال وأرض، وعلى الصفراء والبيضاء ـ أي الذهب والفضة ـ والكراع والحلقة إلا ثوبا على ظهر إنسان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئا ) ، فصالحوه على ذلك ، وبعد هذه المصالحة تم تسليم الحصون إلى المسلمين، وبذلك تم فتح خيبر .


(1/342)


--------------------------------------------------------------------------------

قتل ابني أبي الحقيق لنقض العهد
وعلى رغم هذه المعاهدة غيب ابنا أبي الحقيق مالا كثيرا، غيبا مسكا فيه مال وحلي لحيي بن أخطب، كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير .
قال ابن إسحاق : وأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكنانة الربيع، وكان عنده كنز بني النضير، فسأله عنه، فجحد أن يكون يعرف مكانه، فأتي رجل من اليهود فقال : إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنانة : ( أرأيت إن وجدناه عندك أأقتلك ؟ ) قال : نعم، فأمر بالخربة، فحفرت، فأخرج منها بعض كنزهم، ثم سأله عما بقي، فأبي أن يؤديه . فدفعه إلى الزبير، وقال : عذبه حتى نستأصل ما عنده، فكان الزبير يقدح بزند في صدره حتى أشرف على نفسه، ثم دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى محمد بن مسلمة، فضرب عنقه بمحمود بن مسلمة ـ وكان محمود قتل تحت جدار حصن ناعم، ألقي عليه الرحي، وهو يستظل بالجدار فمات ـ .
وذكر ابن القيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل ابني أبي الحقيق، وكان الذي اعترف عليهما بإخفاء المال هو ابن عم كنانة .
وسبي رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي بن أخطب، وكانت تحت كنانة بن أبي الحقيق، وكانت عروسا حديثة عهد بالدخول .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ahmady.yoo7.com
 
تابع الرحيق المختوم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تابع الرحيق المختوم
»  الرحيق المختوم
» تابع العلمانية نشأتها وتطورها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
احمد يوسف الخضمي :: القسم العام :: الحروب-
انتقل الى: